الطاقة الشمسية
تُعرف الشمس علي أنها كرة هائلة من الغازات الساخنة، وبنسب الوزن نجد أن الهيدروجين يمثل 70% والهليوم 25% والكربون والنيتروجين والأكسجين 1.5% لكل منهم، وتمثل باقي العناصر 0.5%. تصل درجة حرارة الشمس إلي 5000 درجة مئوية علي السطح وحوالي 15.000درجة مئوية في اللُب (المركز). ومتوسط المسافة بينها وبين الأرض 150 مليون كيلومتر يقطعها ضوء الشمس في ثماني دقائق ونصف، أما قطرها فيبلغ 1.4 مليون كيلومتر أي أنها أكبر من كوكب الأرض 109 مرة، وهو ما يعني أن الشمس تتسع لحوالي مليون كوكب في حجم الأرض.
الشمس هي أقرب النجوم إلينا وبدونها لا تستمر الحياة علي كوكب الأرض، فنحن نستخدم الطاقة الصادرة من الشمس في العديد من الاستخدامات اليومية. فالنباتات تستخدم ضوء الشمس لتنمو، والحيوانات تأكل النباتات لتستفيد من الطاقة الكامنة بها وتحولها إلي طاقة تستفيد منها، كما أن النباتات والحيوانات التي ماتت ودفنت منذ ملايين السنيين تحولت إلي فحم وبترول وغاز طبيعي، ونحن نستخدمها اليوم في تسيير المركبات والآلات، إذا فالوقود الإحفوري هو في حقيقته ضوء شمس أُختزن لملايين السنيين ، ويمكننا القول أن الشمس هي مصدر كل الطاقة التي نستخدمها في الوقت الراهن.
تستخدم الطاقة الشمسية لإنتاج الطاقة الكهربية ففي أمريكا توجد بعض المحطات التي تعتمد علي تقنية مرايا القطع المكافئ "Parabolic Trough" في تركيز أشعة الشمس علي ماسورة توجد أعلي مركز القطع الناقص لترتفع درجة حرارة الماء لأعلي من درجة الغليان ليتحول بعد ذلك إلي بخار يوجه إلي توربينة ومن ثم توليد الكهرباء.
في صحراء كاليفورنيا يوجد عدد هائل من صفوف المرايا صُفت فيما يعرف بمحطة الطاقة الشمسية الحرارية "Solar Thermal Power Plant" نُفِذَت من خلال تِسع منظومات تتراوح سعاتها بين 13 و 80 ميجاوات، إلا أن مشكلة الطاقة الشمسية أنها لا تعمل في غياب الشمس، وبالتالي ففي أوقات الغيوم والليل تتوقف هذه المحطات عن إنتاج الطاقة. لذا فإن بعض هذه المحطات تتكون من نظام هجين"Hybrid System"، بمعني أن تستخدم الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء نهارا أما أثناء الليل وفي أوقات الغيوم فإن المحطات الحرارية تعمل حيث يحرق الغاز الطبيعي أو غير ذلك من أنواع الوقود الإحفوري في تسخين المياه، ويضمن النظام الهجين استمرار عمل المحطة في إنتاج الكهرباء بشكل دائم.
يوجد نظام آخر لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية يعرف باسم محطة قوي البرج المركزي "Central Tower Power Plant". حيث يُعكس ضوء الشمس من خلال حقل مرايا "Mirror Field" يتكون من قرابة 1800مرآه تحيط ببرج شاهق تتحرك كلها صوب ضوء الشمس بواسطة نظام توجيه "Steering System" لتعكس أشعة الشمس نحو قمة البرج الموجود في المركز لترتفع درجة حرارة المائع "Fluid" (غالبا ما يكون زيت خاص أو ملح صخري ذائب) الموجود في قمة البرج إلي درجة عالية جداً يتحول المائع علي أثرها إلي بخار يوجه نحو توربينة لتوليد الكهرباء.
كانت أول هذه المحطات المحطة التجريبية التي أنشأت عام 1980 بصحراء ولاية كاليفورنيا بإسم شمس-2 "Solar II"، والتي تبلغ قدرتها 10 ميجاوات، وقد اعتمد العلماء في ذلك الوقت علي تكنولوجيات جديدة أمكن منها تحويل أشعة الشمس إلي طاقة ميكانيكية تدير التوربينة. وتتولي هذه المحطة توفير الكهرباء للمناطق السكنية القريبة منها، ويقول العلماء أن محطات إنتاج الكهرباء بواسطة تقنية البرج المركزي يمكن أن توفر الطاقة الكهربية لعدد هائل من المنازل يتراوح بين 100.00 و 200.000.
تستخدم الطاقة الشمسية لتحلية المياه بطريقتين، الطريقة الأولي تعتمد علي استخدام الطاقة الكهربية الناتجة من الطاقة الشمسية محل الطاقة التقليدية لاستعمالها مع التقنيات المألوفة للتحلية، أما الطريقة الثانية فتستخدم الإشعاع الشمسي لتبخير جزء من المحلول المِلحي ثم تكثيفه باستخدام المُقطرات البسيطة .
تعتبر الطاقة أحد المتطلبات الرئيسية للزراعة وتنمية المناطق الريفية، كما أن النباتات تستخدم ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون والماء لتحولها إلي طاقة تنمو بها، ويمكن لمصادر الطاقة المتجددة أن تحل بعض مشاكل المناطق الريفية مثل تحويل المخلفات الزراعية إلي غاز حيوي، إلي جانب استخدام الطاقة الشمسية في ضخ المياه، والصوب الزراعية وتجفيف المحاصيل وكذلك في طهي الأطعمة.
يمكننا أيضا أن نحول ضوء الشمس مباشرة إلي كهرباء باستخدام الخلايا الشمسية والتي يطلق عليها أيضا الخلايا الفوتوفلطية "Photovoltaic Cells". تستخدم الخلايا الشمسية علي نطاق واسع في العديد من التطبيقات المتنوعة إبتداء من الآلات الحاسبة "Calculators" وانتهاء بمركبات الفضاء "Spacecrafts". وقد أُنتجت هذه الخلايا لأول مرة في عام 1950 حيث استخدمت في الأقمار الصناعية الأمريكية، وتُصنع الخلايا الشمسية من السليكون الذي يعتبر أحد أنواع الرمل المنصهر.
يمكن استخدام الخلايا الشمسية لإنتاج الطاقة الكهربية بشكل مباشر سواء في المنازل أو في الأجهزة الموجودة في العمل أو تخزين الطاقة الشمسية في بطاريات لإضاءة اللوحات المرورية علي الطرق ليلا، أو تشغيل تليفونات الطوارئ علي الطرق السريعة. أيضا أنتجت بعض السيارات التجريبية التي تستخدم الخلايا الشمسية لتحويل ضوء الشمس مباشرة إلي طاقة يمكن من خلالها تسيير السيارات.
تقع مصر في نطاق الحزام الشمسي الذي تتراوح شدة إشعاعه الشمسي المباشر بين 2000 ك.و.س./م2/سنة شمالا و 3200 ك.و.س./م2/سنة جنوبا، أما ساعات السطوع الشمسي فهي بين 9 – 11 ساعة يوميا. وكنتيجة لغني مصر بمصادر الطاقة المتجددة فقد تم في عام 1986 انشاء هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة كإحدى الهيئات التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة لتمثل نقطة ارتكاز في نشر استخدامات الطاقات المتجددة. وقد نفذت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة قاعدة بيانات لمصادر الطاقات المتجددة أُعتمد عليها في إصدار الأطلس الشمسي لمصر في عام 1991.
بعد الأطلس الشمسي توسعت وزارة الكهرباء والطاقة في نشر استخدامات الطاقة الشمسية الحرارية في مجال تسخين المياه للأغراض المنزلية، فبلغ عدد وحدات تسخين المياه في عام 1998 نحو 200 ألف وحدة، توفر سنويا حوالي 60 ألف طن بترول مكافئ، بالإضافة إلي تنفيذ عدة مشروعات للتسخين الشمسي الصناعي منها مشروع بشركة النصر للكيماويات الدوائية، ومشروع بالمجزر الآلي بالنزهة وتهدف هذه المشروعات إلي الاعتماد علي الطاقة الشمسية في تسخين المياه التي تحتاجها العمليات الصناعية مما يوفر استهلاكات الوقود الإحفوري ويقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. كما يجري الآن الإعداد لتنفيذ أول محطة شمسية حرارية بمنطقة الكريمات بقدرة إجمالية حوالي 150 ميجاوات يستخدم فيها تكنولوجيا القطع المكافئ لتعمل بالطاقة الشمسية نهارا وبالغاز الطبيعي ليلا وفي أوقات الغيوم.
أما الخلايا الشمسية فهي أحد أفضل تطبيقات الطاقة المتجددة في المناطق النائية ذات الأحمال الصغيرة المتناثرة، فضلا عن كونها لا تحتوي أي أجزاء دوارة قد تتعرض للتآكل. يصل إجمالي استخدامات الخلايا الشمسية في مصر إلي حوالي 3 ميجاوات، وذلك لأغراض الإنارة وضخ المياه والري والتبريد والإعلانات بالطرق الصحراوية.
المصدر : د. محمد الخياط : الطاقة – مصادرها – أنواعها
التاريخ : 3/6/2013