أشارت بعض الأقاويل إلى أن بداية حلوى المولد النبوى الشريف، بدأت مع دخول الفاطميين مصر، وأن صناعة هذه الحلوى استوحت من موكب الخليفة الفاطمى الذى كان يجوب الشوارع، ويوزع الحلوى على الأطفال والكبار والجنود عند الاحتفال بالمولد النبوى الشريف.
تاريخ ظهور عروسة وحصان المولد
وعن تاريخ الحصان والعروسة قيل:" هناك رأيان حول أصل حصان المولد، الرأي الأول، أنه يمثل الخليفة صاحب الفتوحات والانتصارات، وهو يجلس فوق الحصان ويحمل السيف، أما الرأي الأخر، في وقت الحاكم بأمر الله، منع جميع الاحتفالات في مصر لمدة طويلة وأبقى الاحتفال بالمولد النبوي فقط، ومن أهم الاحتفالات التي ألغيت هو الاحتفال بالزواج، واستغل المصريون يوم احتفالات المولد النبوي لإقامة حفلات زفافهم، وهناك كانت رمزية الحصان تمثل العريس الذي استطاع أن يقتنص عروسه في هذا اليوم، فكانت تقوم العديد من الزيجات في هذا اليوم، منوها أنه يميل للرواية الأولى".
فكرة صناعة الحلوى على هيئة عروس وحصان جاءت من موكب الحاكم بأمر الله الذى كان يصطحب زوجته فى موكب يوم المولد النبوى والتى كانت ترتدى ثوباً أبيض، ومن هنا جاءت فكرة صناعة العروس والحصان والتى استمرت حتى يومنا هذا.
وأشارت روايات أخرى إلى أن المصريين أدخلوا بعض التعديلات على طقوس الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، من خلال صناعة الملبن بألوانه الأحمر والأصفر وكذلك الحمصية والسمسية والنوجا والفولية، والتي تطورت بعد ذلك وأضيف إليها بعض الحشوات، كما أضيف للحلوى التقليدية أنواع مختلفة من الحلوى مثل قمر الدين المحشو ومربى جوز الهند ومكسرات أخرى مثل الكاجو وغيرها من الأنواع التي لم تضاف من قبل على الحلوى.
منذ أكثر من ألف عامٍ، وما إن يبدأ شهر ربيع الأول معلناً اقتراب المولد النبوي الشريف تتزين شوارع مصر احتفالاً بقدومه، وتنتشر الساحات والسرادقات التي تبيع الحلوى وعرائس المولد الشهيرة. وتعدُّ حلوى المولد السّمة العامة للمولد النبوي في مصر، إذ تتفنن متاجر الحلوى في عرض أشكال وأنواع من حلوى المولد الشهيرة، فما بين أقراص الحمصيّة والسمسيّة وأنواع الملبن المختلفة بأسعارها المتوسطة، وما بين الفستقية والبندقية واللوزية الأعلى سعراً ينتقي المشترون ما يناسبهم ويتلاءم مع ميزانيتهم وسط بهجة، ينتظرونها كل عام.
صناعة حلوى المولد
تطوّرت صناعة حلوى المولد بمرور الزمن، إذ بدأت بشكل يدوي بسيط حتى وصلت إلى المصانع الكبرى، ورغم ذلك ظلّت بعض الورش باقية، وتعمل بشكل يدوي وبصورة موسمية في فترة ما قبل المولد النبوي الشريف لعرضها في السرادقات والمحال البسيطة في الأماكن الشعبية بشكل خاص.
ويعدُّ شارع باب البحر الكائن بمنطقة وسط القاهرة هو معقل صناعة حلوى المولد في العاصمة، حيث يضم كثيراً من المصانع المهتمة بصناعة تلك الحلوى، إضافة إلى ورش متخصصة في صناعة العروسة الحلاوة التقليدية، وكثير من المتاجر والسرادقات الخاصة ببيع الحلوى التي تتزين بالأنوار والزينات في مثل هذا الوقت من كل عام.
يقول أحد اصحاب مصانع حلوى المولد بالقاهرة، "أعمل في هذا المجال منذ سنوات طويلة بالوراثة أباً عن جد، وشارع باب البحر كان منذ زمن بعيد هو الشارع الواصل بين محطة مصر (محطة القطارات الرئيسة بالقاهرة) في منطقة رمسيس ومنطقة مسجد الحسين الشهيرة، وفي أيام الموالد مثل المولد النبوي الشريف أو مولد سيدنا الحسين يتوافد الناس إلى القاهرة للاحتفال".والمحتفلون كانوا يمرون بشارع باب البحر ومنطقة النحاسين وشارع المعز لدين الله الفاطمي كي يصلوا إلى مسجد الحسين، وفي طريق ذهابهم وإيابهم يشترون الحمص والحلاوة التي تشتهر بها منطقة باب البحر منذ مئات السنين".
وان هناك "فترة ما قبل المولد النبوي هي موسم العمل، إذ تكثّف المصانع من عملها لإنتاج الحلوى بأشكالها المختلفة، إضافة إلى العرائس التقليدية. وحالياً نجهز للعمل قبل موسم المولد النبوي بنحو أسبوعين، بينما في السابق كنا نبدأ العمل قبل المولد بما يقرب من شهرين، لأن كثافة الطلب على الشراء اختلفت عن السابق، لكنها لا تزال باقية ومستمرة، لأنها عادة مصرية أصيلة، يحرص عليها المصريون منذ مئات السنين".
السمسمية والحمصية والفولية والملبن هي حلويات المولد الأشهر، والآن توجد أصناف مُستحدثة، عن هذا الأمر يقول العربي، "صناعة حلوى المولد تطوّرت كثيراً عن السابق، حالياً تُصنع بشكل مميكن، وباشتراطات صحية وتغليف معين، ويدوّن عليها تاريخ الإنتاج، وبالطبع اختلف هذا عن الزمن الماضي، حينما كانت تُصنع بشكل يدوي تماماً، وكانت تحتاج إلى وقت ومجهود كبيرين جداً".وفي الوقت الحالي نجد أنواعاً أخرى من المكسرات، مثل البندق والفستق والكاجو، وتوجد ابتكارات حديثة من الحلوى يضاف إليها قمر الدين والمشمش المجفف والكريز والقراصيا، لكنها تبعد عن المفهوم التقليدي المتعارف عليه عند المصريين لحلاوة المولد، والمصانع تتفنن كل عام لجذب المستهلك بشيء جديد، لكن أساس الصناعة واحد، ويتم التطوير عليه بالأفكار الجديدة".
أصل عروسة المولد
عروسة المولد أو العروسة الحلاوة إحدى مفردات التراث الشعبي المصري، وتعاقبت عليها الأجيال وباختلاف طبيعة العصر طور المصريون فيها وتعددت الروايات عن أصل عروسة المولد وبداية ظهورها، ولا توجد رواية قاطعة تجزم بالأمر، إلا أن المتفق عليه هو أنها تعود إلى العصر الفاطمي، فقيل إن الخليفة الفاطمي كان يخرج في موكب يوم المولد النبوي الشريف، وكان ديوان الحلوى التابع للخليفة يصنع كميات كبيرة من الحلوى، وتوزّع على الناس والجنود، وابتدعوا وقتها صناعة قوالب من الحلوى على شكل العروسة والحصان لتوزيعها على الأطفال، إضافة إلى إقامة الولائم في يوم المولد النبوي والأيام التي تسبقه.
و إن ﻋﺮﻭﺳﺔ ﺍﻟمولد بدأ ظهورها ﺧﻼﻝ الفترة التي حكم فيها الحاكم بأمر الله مصر، إذ خرج في موكب يوم المولد النبوي الشريف بصحبة زوجته التي كانت ترتدي ثوباً أبيض، ومن بعدها قام صناع الحلوى بعمل قالب للحلوى على شكل الحاكم وزوجته اللذين رُمِزَ إليهما بعروس المولد والفارس على الحصان، وظلت هذه العادة حتى الآن.
وهناك رواية اخري تشير إلى أن الحكّام الفاطميين كانوا يشجعون الناس على عقد الزواج بالتواكب مع المولد النبوي، فكانت الأفراح تنتشر في هذه الفترة، ويصاحبها تعليق الزينات، وابتدع الناس وقتها الحلوى على شكل العروسة المزينة بالأوراق المبهجة المزركشة، والعريس على الجواد، وكانت العروسة الحلاوة في هذا الوقت هدية يقدّمها أهل العريس إلى عروس ابنهم، وهي عادة لا تزال باقية عند قطاعٍ كبيرٍ من المصريين حتى الآن، ففي كثير من الأماكن لا يزال العريس يقدم لعروسه في المولد النبوي عروسة المولد الشهيرة كتقليد وتراث اشتهر به المصريون.
وصناعة حلوى المولد تشكل جزءاً من التاريخ والثقافة والفلكلور المصري ومن اهم مراسم الاحتفال بقدوم المولد النبوي الشريف .
مصدر البيان:البوابة الالكترونية
تاريخ البيان:24/9/2023