إذا كان القانون لم يحصر الأفعال الايجابية أو السلبية التى تعتبر خروجا على واجبات الوظيفة أى لم يطبق مبدأ " لا جريمة إلا بنص" والذى طبقه قانون العقوبات . فانه قد حصر العقوبات التأديبية ، بحيث لا يجوز لسلطة التأديب أيا كانت أن توقع عقابا على العامل بوسيلة أخرى غير العقوبات المنصوص عليها صراحة على سبيل الحصر.تنص م/80 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ، على أن:الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على العاملين هى:(1) الإنذار.(2) تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر.(3) الخصم من الأجر شهرين فى السنة.ولا يجوز أن يتجاوز الخصم تنفيذا لهذا الجزاء ربع الأجر شهريا بعد الجزء الجائز الحجز عليه أو التنازل عنه قانونا.(4) الحرمان من نصف العلاوة الدورية.(5) الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.(6) تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد عن سنتين.(7) خفض الأجر فى حدود علاوة.(8) الخفض إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة.(9) الخفض إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذى كان قبل الترقية.(10) الإحالة إلى المعاش.(11) الفصل من الخدمة.أما بالنسبة إلى العاملين من شاغلى الوظائف العليا فلا توقع عليهم إلا الجزاءات التالية:(1) التنبيه.(2) اللوم.(3) الإحالة إلى المعاش.(4) الفصل من الخدمة.المبادئ القانونية للجزاءات التأديبيةأولا: مبدأ شرعية الجزاءاتويقضى مبدأ الشرعية أن تتقيد سلطة التأديب بالجزاءات الواردة فى القانون على سبيل الحصر ، فهى ملزمة بتوقيع الجزاء المحدد وليس لها ابتداع جزاء جديد.وطبقا لهذا المبدأ فانه يجب على سلطة التأديب الالتزام بالقيود الشكلية والموضوعية للتأديب ، فمن حيث الشكل فالسلطة التأديبية ملزمة قانونا باستعمال اللفظ والمصطلح الواردة بقائمة الجزاءات ( عقوبة الإنذار تعنى الإنذار ولا تعنى مرادفها مثل الإخطار أو التنبيه). أما من الناحية الموضوعية فان الجزاء التأديبى لا يمس سوى العلاقة الوظيفية فلا يتعدى على الحرية أو المال الخاص أو الكرامة الشخصية فلا يجوز أن يكون الجزاء توجيه إهانة للموظف.كما يقضى هذا المبدأ أن يكون قرار الجزاء مسبباً بشكل واضح بعيد عن الإبهام .لا تعارض بين هذا المبدأ وبين تخويل السلطة التأديبية سلطة تقديرية فى اختيار الجزاء الملائم للمخالفة الواحدة ولكن يشترط عدم تجاوز السلطة.ثانيا: مبدأ حظر القياسالقاعدة العامة هى حظر القياس وخاصة فى نطاق فرض الجزاءات والدليل على ذلك ما قضت به المحكمة الإدارية العليا بأن العقوبات التأديبية وما يترتب عليها مباشرة من آثار عقابية لا يسوغ أن تجد لها مجالاً فى التطبيق إلا حيث يوجد النص الصريح شأنه شأن العقوبات الجنائية بسبب إنها قيد على الحريات، كذلك العقوبة التأديبية وآثارها العقابية، فإنها قيد على حقوق الموظف والمزايا التى تكفلها له القوانين واللوائح، فلا محل لأعمال أدوات القياس ولا محل للاستنباط.ثالثا: مبدأ التدرجيتضمن هذا المبدأ فى فحواه تفاوت الجزاء باتجاه التصاعد بحيث تكون الجزاءات فى وضع هرمى فيكون فى القاعدة الجزاء الأخف ثم يليه فى الشدة جزاء آخر ... وهكذا إلى أن نصل لقمة الهرم الجزائى حيث يكون جزاء الفصل من الخدمة ، فالقائمة وردت فيها الجزاءات بترتيب تتزايد الخطورة فيه إعمالا لتدرجها.والخلاصة انه يتعين أن يكون الأثر العقابى لكل جزاء اكبر من الذى ينطوى عليه الجزاء الذى يسبقه.إلا انه قد ذهب البعض إلى أن التدرج فى العقوبات لا يعبر بذاته عن شئ وهو رأى له محله من الاعتبار.رابعا: مبدأ التناسبمفهوم المبدأ:حيث أن الجزاء التأديبى يفرض بمناسبة ارتكاب مخالفة تأديبية معينة، فيجب أن يكون رد الفعل (الجزاء) متناسب مع الفعل ذاته (المخالفة) لأن التوازن يغطى الضرر ويمنح الردع مضموناً عادلا.فالملائمة هى جوهر نفعية العقاب وفقدانها يبذر الشك حول طبيعة العدالة أو جدية الوظيفة التأديبية.وحيث أن المشرع قد قيد السلطة التأديبية بتحديده للعقوبات التأديبية التى يجوز لها توقيعها على سبيل الحصر فى مقابل أن ترك لها حرية واسعة واستقلال كبير فى اختيار العقوبة المناسبة على المخالفات الإدارية التى تقع من الموظف العام المذنب من بين قائمة العقوبات المقررة وفقا بما يتلاءم ويناسب درجة جسامة الفعل، وبما يكفل فاعلية الإدارة وحسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد، ودون المساس بضمانات الموظف وحقوقه.وقد أرست المحكمة الإدارية مبدأ هام فى هذا الخصوص ضمن حكمها الصادر فى 24/12/1966 والذى قضى بـ " أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تكييف الواقعة بما يجعلها من الذنوب الإدارية المستحقة للعقاب، إنما مرجعه إلى تقدير جهة الإدارة ، ومبلغ انضباط هذا التكييف على الواقعة المنسوبة إلى الموظف من حيث الخروج على الواجب الوظيفى، أو الإخلال بحسن السير والسلوك. ولا جدال فى أن الاعتداء على الرؤساء وتحقيرهم يعد خروج على الواجب الوظيفى وإخلال بحسن السير والسلوك المستأهل للعقاب بوصفه ذنبا إداريا، كما أن تقدير العقوبة للذنب الإدارى الذى ثبت فى حق الموظف هو أيضا من سلطة الإدارة لا رقابة للقضاء فيه عليها إلا إذا اتسم بعدم الملائمة الظاهرة أو لسوء استعمال السلطة... "مناط المشروعيةللسلطة التأديبية سلطة تقدير العقوبة للذنب الإدارى بلا رقيب مادامت لم تخرج عن مناط المشروعية.ويتمثل نطاق المشروعية لسلطة الملائمة بين الغلو فى التشدد وبين الإفراط فى الشفقة.وقد أكدت على هذا المحكمة الإدارية العليا بحكمها فى 16/2/1993 والذى جاء فيه " ... استقر قضاء هذه المحكمة على أنه كان للسلطة التأديبية ومنها المحاكم التأديبية، سلطة تقدير خطورة الذنب الإدارى، وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها فى ذلك، إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة شأنها شأن أية سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو.ومن صور هذا الغلو عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإدارى، وبين نوع الجزاء ومقداره. ففى هذه الصورة تتعارض نتائج الملائمة مع الهدف الذى يغياه القانون من التأديب وهو تأمين انتظام المرافق العامة، ولا يتأتى هذا التأمين إذا انطوى الجزاء على مفارقة صارخة، فركوب متن الشطط فى القسوة يؤدى إلى إحجام عمال المرافق العامة فى حمل المسئولية خشية التعرض لهذه القسوة الممعنة فى الشدة، والإفراط المسرف فى الشفقة يؤدى إلى استهانتهم بأداء واجباتهم طمعا فى هذه الشفقة المفرطة فى اللين، فكل من طرفى النقيضين لا يؤمن انتظام سير المرافق العامة، وبالتالى يتعارض مع الهدف الذى رمى إليه القانون من التأديب ، وعلى هذا الأساس يعتبر استعمال سلطة تقدير الجزاء فى هذه الصورة مشوبا بالغلو، فيخرج التقدير عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية، ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة، ومعيار عدم المشروعية فى هذه الصورة ليس معياراً شخصياً وإنما هو معيار موضوعى قوامه أن درجة خطورة الذنب الإدارى لا تتناسب مع نوع الجزاء ومقداره... وأن تعيين الحد الفاصل بين نطاق المشروعية ونطاق عدم المشروعية فى الصورة المذكورة مما يخضع أيضا لرقابة هذه المحكمة...."صور فقدان الملائمة:بسبب ضآلة الجزاء فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 19/1/1974 بعدم التناسب بين الجزاء الإدارى وهو الخصم من المرتب والذنب وهو الاختلاس ورأت أن الجزاء الحق لمثله هو الفصل من الخدمة.بسبب شدة الجزاء فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/3/1975 باعتبار فصل العامل من الخدمة، جزاء لا يتناسب مع ما ارتكبه من مخالفة لما أحاطت به من ظروف وملابسات سواء المتعلقة به أم بالحادث ( التزوير) لا تستدعى أخذه بالشدة المتناهية، حيث لم يقم دليل عليه على تعمده ارتكاب الذنب وإنما وقع نتيجة عدم خبرته ودرايته بالعمل.الاستثناءات من المبدأقد يلجأ المشرع إلى إيراد جزاءات تأديبية محددة لا تنطوى على حدين ادنى واعلى ومن ثم يتعذر إعمال مبدأ الملائمة لسلطة التأديب وكمثال حدد المشرع فى الفقرة الأخيرة من المادة 110 من قانون تنظيم الجامعات الحالى عقوبة عزل عضو هيئة التدريس الذى يثبت إعطاءه دروساً خصوصية بمقابل أو بغير مقابل.خامسا: مبدأ وحدة الجزاءويعنى عدم جواز ازدواج العقوبة التأديبية عن الفعل الواحد ويعد هذا المبدأ من أهم النتائج تطبيق مبدأ شرعية العقوبة التأديبية.ويعد الدفع بعدم جواز محاكمة الموظف تأديبيا عن فعل سبق مجازاته تأديبيا عنه، من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويتصل بالشرعية وسيادة القانون بوجه عام ويتعلق بالأسس الجوهرية للنظام العام التأديبى بصفة خاصة، ويجوز إبداؤه فى أية مرحلة من مراحل الدعوى التأديبية، ولو لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العلياوبهذا المبدأ لا يجوز أن يعاقب الموظف بأكثر من جزاء واحد عن المخالفة الواحدة.صور الازدواج الجزائى فى النطاق التشريعى:مثل الجزاء المنصوص عليه فى المادة 80 من ق 47 لسنة 1978 من (الخفض إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذى كان عليه قبل الترقية).هذا الجزاء وإن بدا ظاهريا يحمل ازدواجا جزائيا من خفض الأجر، وخفض الدرجة إلا انه قد أتى بعد هذين الجزاءين مما يعد تغليظا للجزاء بحكم مبدأ التدرج الجزائى. ولا يعتبر ازدواجا للجزاء.صور الازدواج الجزائى فى النطاق الإدارى:• الازدواج الجزائى نتيجة تعدد السلطات الجزائية .فمن المبادئ المستقرة بالقضاء المصرى أن السلطة التى تفرض الجزاء الأول تستنفذ سلطتها بفرض الجزاء ، والجزاء التأديبى الذى وقع أولا – أيا كانت طبيعته – يجب ما عداه ما دام وقع طبقا للأوضاع القانونية الصحيحة. ولا يجوز بعد ذلك إحالة العامل للمحاكمة التأديبية عن ذات الواقعة التى سبق أن جوزى عنها إداريا.• الازدواج الجزائى نتيجة توقيع جزاء صريح وآخر مقنع وفى الغالب يكون القرار المقنع أما نقل أو ندب.وحيث أن النقل لا يعد احدى الجزاءات المنصوص عليها فان القرار يشوبه عيب الانحراف وعدم المشروعية . فإذا ما صدر قرار النقل أو الندب بناء على تحقيق أجرى مع العامل أو نتيجة مخالفات منسوبه إليه فيعتبر قرار تأديبى يهدف إلى مجازاة الموظف ضمنيا أو ما يسمى جزاءاً مقنعاً.• الجريمة المستمرةلا يسرى هذا المبدأ (عدم جواز توقيع عقوبتين على المخطئ بسبب جريمة واحدة) على حالة الجريمة التأديبية المستمرة، مثل استمرار الموظف فى إهماله أو فى إخلاله بواجباته الوظيفية على الرغم من توقيع جزاء عليه عن جريمة الإهمال أو الإخلال بالوجبات فى تاريخ سابق، وذلك لان المخالفة التى سبق معاقبته عليها تشكل جريمة تأديبية أخرى مستقلة عن الجريمة الأولى وينبغى تجديد العقوبة لها مرة ثانية، وذلك حتى لا يشجع الموظف على الاستمرار فى الإخلال بواجباتهم الوظيفية. ويؤيد هذا حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر فى 14/12/1957 والوارد به " إن استمرار الموظف فى إهماله أو فى الإخلال بواجبات وظيفته – على الرغم من توقيع جزاء عليه عن هذا الإهمال أو الإخلال بالواجب فى تاريخ أسبق – إنما هو مخالفة تأديبية جديدة يجوز مجازاته عنها مرة أخرى دون التحدى بسبق توقيع الجزاء الأول متى كان هذا الجزاء عن إهماله فى واجبات وظيفته حتى تاريخ سابق على ذلك ، .... والاستمرار المقصود فى هذه الحالة هو الحاصل بعد توقيع الجزاء الأول لا قبل ذلك..."فالمقرر أن الجزاء الأول يكون عن جميع الأفعال أو الحالة التى صدر من اجلها، وحتى تاريخ صدوره.• الجمع بين أكثر من عقوبة تنتمى كل عقوبة منها إلى نظام عقابى مختلفأجاز القضاء الإدارى فى مصر الجمع بين عقوبة تأديبية وأخرى جنائية وثالثة مدنية.مثال اختلاس موظف لأموال الجهة فيجوز معاقبته تأديبيا وجنائيا والرجوع عليه مدنيا.وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر فى 31/1/1987 " أن الجريمة الإدارية تختلف اختلافا كليا فى طبيعتها وتكوينها من الجريمة الجنائية. وان الفعل الواحد قد يكون الجريمتين معاً، ويرد ذلك كله إلى أصل مقرر هو اختلاف الوضع بين المجالين الإدارى والجنائى وما استتبعه ذلك من استقلال الجريمة الإدارية عن الجريمة الجنائية لاختلاف قوام كل من الجريمتين وتغاير الغاية من الجزاء فى كل منهما، فهو فى الأولى مقرر لحماية الوظيفة العامة، أما فى الثانية فهو قصاص من المجرم لحماية المجتمع، ومن ثم فإن محاكمة التأديبية على أفعال ثبتت الإدانة عنها جنائيا لا يعنى محاكمة مرة ثانية عن ذات الأفعال .."كما جاء فيما قضت ذات المحكمة فى 10/6/1989 " .. ومن المبادئ العامة الأساسية لشرعية العقاب أيا كان نوعه، أنه لا يجوز عقاب الإنسان عن الفعل المؤثم مرتين، وإن كان يجوز العقاب عن الجريمة التأديبية للموظف العام برغم العقاب عن ذات الأفعال كجرائم جنائية فى نطاق المسئولية الجنائية للموظف، لاختلاف الأفعال وصفا وتكيفاً فى كل من المجالين الجنائى والتأديبى واختلاف أوجه الصالح العام والمصالح الاجتماعية التى يستهدف من أجلها المشرع تنظيم كل من المسئوليتين الجنائية والتأديبية، وإن كانت كلاهما تهدف إلى تحقيق الصالح الأعلى للجماعة وحماية المصلحة العامة للموظفين...".• حفظ التهمة من النيابة العامةأقرت المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر فى 25/1/1992 بأن القرار الصادر من النيابة العامة بحفظ التهمة لا يبرئ سلوك المتهم من المسئولية الإدارية، ولا يمنع من مؤاخذته تأديبيا على هذا السلوك مؤاخذة مردها إلى وقوع إخلال منه بواجبات الوظيفة.سادسا: مبدأ عدم الرجعية• عدم رجعية القوانيناستقرت أحكام القضاء الإدارى على إلزام السلطة التأديبية رئاسية كانت أو قضائية بتوقيع العقوبات التأديبية المقررة قانونا وقت وقوع الفعل التأديبى ، الذى يجازى من اجله العامل، وعدم تطبيق أية عقوبة تأديبية لاحقة على تاريخ وقوع الجريمة التأديبية، ما لم تكن العقوبة أصلح للموظف المتهم، أو كانت حالته الوظيفية قد تغيرت عند الحكم على نحو يستحيل معه توقيع العقوبة النافذة قانونا وقت وقوع الجريمة التأديبية، وذلك استثناء من مبدأ "عدم رجعية القوانين" الذى نصت عليه المادة (50) من قانون العقوبات بأن " يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها، ومع ذلك إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانونا أصلح للمتهم فهو الذى يتبع دون غيره، وإذا صدر قانون بعد حكم نهائى يجعل الفعل الذى حكم على المجرم من اجله غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم وتنتهى أثاره الجنائية ..."وقد قضت المحكمة الإدارية العليا فى 4/3/1989 بـ " ... ومن حيث أن المشرع قد حسم الأمر بالنسبة لرجعية القوانين وغيرها من التشريعات من باب أولى، فلم يجعل لأى منها سلطان حاكم إلا بالنسبة للوقائع التى تحدث من تاريخ نفاذها وحظر أى أثر فيما وقع قبلها، وأجاز الدستور استثناء فى غير المواد الجنائية تقرير الأثر الرجعى للقانون ومثله فى ذلك التشريع الأدنى مرتبة من باب أولى ... فإنه يتعين التسليم بأنه لا يجوز أصلاً كقاعدة عامة توقيع عقوبة تأديبية على العامل إلا العقوبة المقررة والنافذة وقت وقوع الفعل التأديبى الذى يجازى من أجله، وذلك ما لم يكن العقاب التأديبى قد تعدل بصورة أصلح إعمالاً للمبدأ المقرر فى مجال العقاب الجنائى، تطبيقاً لما تحتمه الوحدة فى الأسس العامة للعقاب الجامعة بينه وبين العقاب التأديبى. وذلك رغم تميز كل منهما فى الإجراءات والنطاق والتكييف للأفعال المؤثمة ونوعية العقوبات، أو ما لم يكن قد أصبح مستحيلاً توقيع العقوبة على المتهم نتيجة تغير حالته الوظيفية بإحالته للتقاعد، حيث يوقع عليه العقاب الذى حدده المشرع لمن ترك الخدمة وما يماثل ذلك من حالات......"كما قضت ذات المحكمة فى 22/4/1989 بـ " ومن حيث أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمجازاة الطاعن بتغريمه خمسة أضعاف أخر أجر تقاضاه قبل إحالته إلى المعاش يكون قد صدر معيباً بمخالفته القانون، وذلك أن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن ارتكابها والثابتة فى حقه حسبما سلف البيان قد وقعت خلال عام 1979 قبل صدور القانون رقم 115 لسنة 1983 الذى تضمن تعديل نص المادة (88) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة التى كانت تنص على أنه : " يجوز أن يوقع على من انتهت خدمته غرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تجاوز الأجر الإجمالى الذى كان يتقاضاه العامل فى الشهر عند انتهاء الخدمة" وقد تضمن التعديل زيادة الحد الأقصى مقدار الغرامة التى يجوز توقيعها على من انتهت خدمته إلى خمسة أضعاف أخر أجر تقاضاه قبل انتهاء خدمته." ومن حيث أن المخالفة التأديبية المنسوبة للطاعن كانت قد وقعت قبل العمل بالقانون المعدل الذى تضمن رفع الحد الأقصى لمقدار الغرامة التى يجوز توقيعها على من انتهت خدمته، فإنه طبقا لما جرى قضاء هذه المحكمة من حتمية إلزام السلطة التأديبية رئاسية كانت أو قضائية بتوقيع العقوبات التأديبية المقررة قانونا وقت وقوع الفعل التأديبى ، الذى يجازى من اجله العامل، وعدم تطبيق أية عقوبة تأديبية لاحقة على تاريخ وقوع الجريمة التأديبية، ما لم تكن العقوبة أصلح للموظف المتهم، أو كانت حالته الوظيفية قد تغيرت عند الحكم على نحو يستحيل معه توقيع العقوبة النافذة قانونا وقت وقوع الجريمة، ومن ثم وبناءً عل ذلك فإن ما كان يجوز للمحكمة التأديبية أن توقع العقوبة الأشد التى وردت فى النص اللاحق والمعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983م ، وإنما كان عليها أن تلتزم بجدول العقوبة التى كانت مقررة فى النص قبل التعديل باعتبارها العقوبة النافذة وقت وقوع الجريمة التأديبية ...".مع مراعاة تطبيق أحكام القانون السارى وقت الحكم.فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بجلستها فى 12/3/1966 بألا توقع عقوبة على العامل فى ظل القانون الجديد لم يرد نص بشأنها فيه حتى ولو كانت منصوصاً عليها فى قوانين سابقة كانت سارية وقت حدوث الفعل محل المحاكمة.• عدم رجعية العقوبةومفهومه انه يترتب على الجزاء التأديبى أثره من تاريخ صدور الحكم أو القرار التأديبى ولا ينسحب إلى تاريخ سابق عليه كتاريخ ارتكاب المخالفة مثلا.ومن تطبيقاته:- تطبيق الجزاء التأديبى من تاريخ الحكم إلا إذا لم يشترط المشرع ما يخالف ذلك .ويستثنى من هذا المبدأ تطبيقا لأحكام المادة 100 من القانون 47 لسنة 1978 إذا ما عوقب العامل بالإحالة إلى المعاش أو الفصل من الخدمة فتنتهى خدمته من تاريخ وقفه عن العمل وليس من تاريخ الحكم
|